إمكانيات عزل المحقق طارق البيطار بين الواقع..والوقائع..والتداعيات!

صورة

مع تبلغ المحقق العدلي القاضي طارق البيطار طلب الرد المُقَدَّم من قبل محامي المدعى عليه في ملف تفجير مرفأ بيروت النائب والوزير السابق نهاد المشنوق، وتعليق التحقيقات إنتظاراً للبتّ من قبل محكمة الإستئناف، إندلعت في لبنان “أُمّ المعارك” القضائية بكافة تشعباتها وتداعياتها المرتقبة، وهي بكافة سيناريوهاتها، ستترك بصماتها الدامغة على حاضر ومستقبل لبنان المأزوم وإنتظام عمل المؤسسات الدستورية فيه.

طلب الردّ هذا أتى في إطار حملة ممنهجة ومتناسقة قامت بها كافة الجهات المتضرّرة من تحقيقات القاضي بيطار، وسعيه لفكفكة الغاز الإحتفاظ وتغطية هذه الكميات الهائلة من المتفجرات طوال سنوات وسنوات داخل مرفق يعجّ بالأجهزة الأمنية والعسكرية وبالقرب من إحدى اكثر المناطق إكتظاظاً بالمدنيين من العاصمة بيروت.

كسر المُحقق بيطار “حصانات” وتجاوز خطوطاً كانت تُعتبر حمراء منذ تأسيس لبنان قبل اكثر من مئة عام، من خلال طلبه للتحقيق وإدعائه على مسؤولين كبار حاليين وسابقين، ولعل ما دفعه للإقدام هي فظاعة وكارثية تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس عام 2019 وفاتورة الدم والدمار الضخمة التي تكبدها اللبنانيون، وما يزالون.

دوائر متابعة لمجريات التحقيق توقفت ملياً أمام زيارة وفيق صفا مسؤول وحدة التنسيق والإرتباط في حزب الله لقصر العدل في بيروت، وإجتماعه برئيس مجلس القضاء الأعلى وعدد من المسؤولين عن الجسم القضائي، وبين رسالة “تهديد” قيل أن صفا حمّلها لإحدى المراسلات في شاشة لبنانية الحّت على إبلاغها للقاضي بيطار بعد متابعة هاتفية حثيثة معها من قبل أحدّ الوجوه الدائمة الظهور عبر الشاشات والمعروفة بقربها من دوائر الحزب وأحد المسؤولين الأمنيين المُدَّعى عليهم في ملف تفجير المرفأ ،وسرعان ما قام زميل لها بنشر “تهديد صفا” للقاضي بيطار عبر وسائل التواصل، لتواكبه النيابة العامة التمييزية في بيروت من خلال كتاب طلبت فيه من المحقق بيطار مراسلتها بما جرى بالتفصيل، وكأن ما جرى هو منسّق وفي إطار متسلسل، لتحقيق مجموعة أهداف:

-1- محاولة مُفتعلة ل”خلق خصومة” مع القاضي بيطار، وتخويفه وزعزعة مهنيته، حيث سبق ونجح في إحتواء كافة الإنتقادات التي وجهت اليه مباشرة عبر أمين عام حزب الله تكراراً، أو عبر السياسيين او الامنيين او العسكريين موضوع تحقيقاته، او عبر أقلام وفبركات وكميات هائلة من الدسّ والتهويل. فقد إلتزم المحقق طارق البيطار أصول عمله وآثر الإبتعاد عن الإعلام والتسريبات، وحتى اللحظة يتسم ملفه بالسرية لناحية الأدلة والوثائق الى حد كبير، على عكس كافة الملفات الأخرى!

2- ظهور ملف “نيترات البقاع” والذي واكبته حملة مكثفة من تسريبات من نفس الجهات على أنه مطابق ل نيترات المرفأ، وتم ضخّ ممنهج لمعلومات بدا وكأن الهدف منها حرف مسار التحقيقات الحالية ، والتي كانت أنجزت جمع كافة المعطيات المتعلقة بالشركات ومالكيها التي أستوردت النيترات، التأكد من صدقية وواقعية ارتباط عملية التلحيم بالحريق، وبالتالي احتمالات تحول حريق عرضي الى أحد أكبر التفجيرات غير النووية في التاريخ، إضافة الى مسح كافة المستندات والمراسلات منذ لحظة دخول النيترات الى مرفأ بيروت عام 2014، حتى لحظة تفجيرها .

3⁃ ممارسة أقصى الضغوط على القاضي بيطار وعلى رئيس مجلس القضاء الأعلى للسعي لتطويع التحقيق وفق مصالح القوى المهيمنة على السلطة وأرض الواقع، ولعل هذه المحاولات تسعى لإختبار مدى التأييد للقاضي بيطار داخلياً خصوصاً داخل دوائر السلطات السياسية والقضائية والروحية ومدى تمسك الفرنسيين والاميركيين والبريطانيين بالمحقق بيطار والمسار الذي رسمه، خصوصاً أن نجاح حكومة ميقاتي في التخفيف من وطأة الأزمات الخانقة مرتبط بشكل وثيق بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي-الممسوك من دوائر واشنطن- ومحاولة إختراق العزلة الخليجية.

لمحاولة ترقّب ما قد يحصل لا بد من متابعة:

⁃ مدى الاحتضان الشعبي للقاضي بيطار وهذا سيظهر في التحرك المُقرر غداً امام قصر العدل في بيروت، وقدرته على تأمين غطاء لمرجعيات سياسية وعسكرية وقضائية للوقوف بوجه الساعين لتطيير القاضي بيطار، وهنا لابد من التوقف عند نقطة مهمة وهي إمكانية تضرر شعبية التيار الوطني الحرّ بشدة في لبنان عموماً وبيروت تحديداً، في حال تم إقصاء المحقق بيطار.

⁃ مدى تمسك واشنطن وباريس ولندن بهذا المسار القضائي، خصوصاً أن معطيات مهمة حول الشركات التي استوردت النيترات تم الحصول عليها من المحاكم البريطانية، وهناك توقعات بأن تقريراً فرنسياً شاملاً حول الاحتمالات والأدلة قد يُسلّم الى المحقق بيطار في الأيام المقبلة، فيما تبدو اولوية واشنطن ترسيم الحدود الجنوبية وهنا هل من إمكانية لحدوث صفقة ما تكون على حساب التحقيق بتفجير المرفأ!؟

⁃ مدى إرتكاز طلب الرد من جهة والإرتياب المشروع من جهة ثانية على مستمسكات قانونية وإجتهادات، وهنا تجزم دوائر قضائية متابعة، أن وحده الخضوع للضغوط قد يدفع القاضي ايليا، والقاضية كفوري الى تنحية المحقق بيطار، لأن نص الإجتهادات والقوانين المرعية الإجراء في نظام عمل المجلس العدلي تحمي ما أنجزه القاضي بيطار حتى اللحظة والأولوية هي لصدور قراره الإتهامي والذي أصبح وشيكاً على ما يبدو .

نذر حرب بين أرمينيا وأذربيجان..أنابيب غاز وتصفية حسابات بين موسكو وأنقرة !

صورة

يعود تاريخ الصراع بين أذربيجان وأرمينا إلى عام 1991، وذلك على إثر دعم أرمينيا لانفصال إقليم “كارباخ” عن أذربيجان، ثم أكملت أرمينيا تصعيدها عن طريق السيطرة على ممر ضيق يصل بين “كارباخ” والأراضي الأرمينية ويدعى “ممر لاتشين”.

عام 1993 احتلت أرمينيا المزيد من الأراضي الأذرية، ثم جرى توقيع اتفاقية لوقف إطلاق النار في عام 1994 ثبتت الأمر الواقع إلى يومنا هذا، دون أن يتم حل جوهر القضية المختلف عليها، ما ترك الباب مفتوحاً أمام احتمالية التصعيد في أي وقت.

شهر حزيران/ يوليو 2020 حمل تطوراً مهماً في الصراع الأرميني الأذربيجاني، حيث اندلعت مواجهات للمرة الأولى خارج إقليم كارباخ، وخارج الأراضي الأذربيجانية التي تحتلها أرمينيا، فدارت مواجهات عسكرية في منطقة “تافوش” الحدودية وشنّت القوات الأرمينية هجوماً على مواقع تتبع للجيش الأذربيجاني.

يشهد اليوم الصراع الأذربيجاني – الأرميني فصلاً جديداً من فصول التصعيد، لا يفصل بينه وبين الفصل السابق سوى ثلاثة أشهر، تمثل في إسقاط الجيش الأرميني مروحيات أذربيجانية وشن هجوم على مواقع برية للأذريين.

دخلت دول أخرى على خط الصراع الأذربيجاني – الأرميني، بهدف استثماره كورقة ضغط على أطراف دولية أخرى، وقد يحتل الدور الخارجي عاملاً اساسياً لعودة التصعيد بين الحين والأخر تبعا لمصالح تلك الأطراف الدولية.

عام 2016 قدمت روسيا قرضاً لأرمينيا من أجل شراء أسلحة تساهم في زيادة التفوق الأرميني على أذربيجان.
‏الخطوات الروسية هدفت إلى استثمار الصراع كورقة ضغط على المصالح الأوروبية والتركية، خاصة وأنه يتركز في منطقة مرور أنابيب الغاز باتجاه أوروبا مروراً بتركيا.

تركيا باتت تعتمد على أذربيجان كمصدر رئيسي للطاقة، وساعدها ذلك في تخفيض اعتمادها على روسيا في تلبية احتياجاتها من الغاز إلى قرابة 42% بعد أن كانت حتى عام 2015 تستورد 58% من احتياجاتها من روسيا.
‏كما أن خط الغاز الممتد من أذربيجان إلى أوروبا ويمر بتركيا مما يعطيها هامش مناورة كبير.

إندلاع المعارك مؤخراً خارج المناطق المتنازع عليها تاريخياً يعطي مؤشراً على وجود غاية خارجية من الهجمات الأرمينية المتكررة، خاصة وأن التصعيد بات يشمل منطقة “توفوز” القريبة من مرور خط أنابيب القوقاز، وهذه الأنابيب تغذي خط “تاناب” الذي ينقل الغاز من أذربيجان إلى تركيا.

في شهر نيسان/ أبريل من العام الجاري انتهت جولة المفاوضات التركية – الروسية من أجل تجديد اتفاقية توريد الغاز إلى تركيا بأسعار أخفض من السابق، دون تمكن الطرفين من التوصل إلى اتفاق، وهذا عزز من اتجاه تركيا إلى أذربيجان كبديل رئيسي عن روسيا، وهذا بطبيعة الحال زاد مخاوف موسكو.

من غير المستبعد أن تلجأ روسيا إلى دفع أرمينيا للتصعيد العسكري في منطقة شبكة أنابيب الغاز قرب الحدود مع أذربيجان، وذلك من أجل الضغط على أنقرة لعدم التخلي كلياً عن الغاز الروسي، وهذا يتوافق مع الإستراتيجية الروسية التي تعتمد على الضغط المستمر على أوروبا عن طريق ملف الطاقة.

ومن الدوافع الروسية المهمة لتصعيد الصراع هو الضغط على أذربيجان ذاتها في سياق منعها من التحول إلى مورد رئيسي للغاز والنفط لدول العالم وخاصة أوروبا وتركيا، لأن هذا التموضع الأذري في سوق الطاقة العالمي سيكون على حساب حصة روسيا ذاتها.

لايمكن أيضا اغفال التقارب الإيراني – الأرميني في منطقة بحر قزون، واحتمالية تقديم إيران لدعم عسكري في مواجهة أذربيجان، وستحقق إيران عدة أهداف مثل الضغط أكثر على أوروبا للتأثير في موقفها من العقوبات الأمريكية، وأيضا الضغط على تركيا التي تبدي تجاوباً كبيراً مع العقوبات الأمريكية.

لايمكن نفي الدور الفرنسي بشكل قاطع في عملية تأجيج الصراع رغم أنه يبقى احتمالا لا أدلة عليه، وتكمن مصلحة فرنسا في تصعيد الصراع بالضغط على تركيا بما يتعلق بتحركاتها في ليبيا ومنطقة حوض المتوسط.

زلزال يضرب النظام المالي والصحي العالمي: تفجّر أزمات متزامنة أم بدأت الحرب العالمية الثالثة!؟

صورة

تمهيد: تسارعت الأحداث في الإقليم والعالم، منذ بداية 2020، وإختلطت التوترات الأمنية والأزمات المالية ب إنتشار فيروس كورونا في الصين أولاً، ومنها الى إيران وإيطاليا، وصولاً الى أكثر من 100 بلد.

متغيرات متسارعة: نمط حياة مليارات من البشر بدأ يتغير، نمط العمل والتعليم والتنقل والسفر، وسيتم إرساء «مسافات آمنة» بين الناس، والأهم المتغيرات الجذرية في البعد النفسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي. فهل سيتم إحتواء الفيروس وتداعياته كافة في خلال الأسابيع الطالعة؟ أم أن تداعياته ستترك آثارها العميقة، على مختلف الأصعدة!؟ ويُهدد النظام العالمي برمته!؟

ما يجب متابعته:

@ قدرة القطاع الصحي العالمي عموماً، وفي إيطاليا وإيران تحديداً، على إحتواء تفشي الفيروس، ومنع تحوله الى وباء عالمي

@ التقارير الطبية عن تحول يشهده فايروس كورونا، ووجود عدة أنماط يصل بعضها الى شديد الخطورة.

@ مستقبل الكباش الروسي-السعودي حول انتاج النفط، والى اي مدى قد يصل انهيار برميل البترول، وتداعياته شبه المدمرة على اقتصاديات تستند عليه بشكل حيوي

@ ترابط تطورات أسواق النفط مع تحييد الأمير محمد بن سلمان آخر عقبة أمام توليه العرش السعودي بعد والده الملك سلمان بن عبد العزيز، وأي دور للخارج (واشنطن، لندن، موسكو) في عرقلة او مباركة ذلك !؟

@ قدرة ايران على الصمود بوجه تفشي فايروس كورونا المتزامن مع حصار مالي هو الأشد، ويشمل إمتداداتها في العراق، سوريا ولبنان

@ تأثر حملة الرئيس الاميركي دونالد ترامب لولاية ثانية، بتفشي فايروس كورونا، والانهيار المالي- الاقتصادي المواكب له داخل الولايات المتحدة وتأثيره على مزاج الناخب.

@ قدرة الاقتصاد الصيني على التعافي، وتأثيراته على غالبية أسعار السلع والمنتجات والتقنيات العالية، وهل ستتبدل أنماط جذرياً بعد انحسار غبار الفايروس وتداعياته على الأسواق العالمية؟

خاتمة: هل هي صدفة أن ينطلق فايروس كورونا في الصين ويضرب بالتزامن قلب ايران السياسي (طهران) والديني (قم)، والشمال الإيطالي المتصل بقلب اوروبا المتمثل بفرنسا وألمانيا عبر النمسا وسويسرا؟. وماذا عن الحملات الروسية المبرمجة لاتهام واشنطن باستخدام السلاح البيولوجي بوجه الصين؟ والتي نفتها واشنطن بشدة، وبدأت إدارتها تعاني من تفشيها؟ الايام والأسابيع الطالعة ستكشف مدى الأضرار، في صراع الجبابره (الصين، اميركا، روسيا، اوروبا) وانعكاساته المباشرة على الإقليم، فإيران التي لم تلتقط انفاسها جراء ضربة سليماني الصاعقة غرقت في وباء كورونا، ودول الخليج وعلى رأسها السعودية في قلب المعركة النفطية-الاستراتيجية الأبعاد، والإمارات المتضررة بشدة من انخفاض أسعار النفط وشلل التنقل الدولي عشية Expo 2020 التي راهنت عليه دبي بشدة لاستعادة بريقها.

ترامب يُلَوِّح بالقوة العسكرية سعياً لتسوية قد تكون وشيكة!

صورة

“دَوزنة” الرد الإيراني على الإستهداف الاميركي الصاعق لرمز إيراني مهم جداً في العراق، يؤكد أن مسار التفاوض الاميركي-الايراني من خلال القناة العمانية فعّال، ولم تستبعد دوائر متابعة ل Thinker4Me أن يخرج من رحم التصعيد الحالي تسويات تشمل اليمن، العراق ولبنان، وختمت الدوائر المتابعة أن مسار تلك التسويات يوشك على النضوج وفرص توسع اي إشتباك، قد يُسَرِّع في نضوجها، الى حرب واسعة شبه معدومة .

هل ينجح “الإئتلاف الحاكم” في كسر إرادة الثورة !

صورة

بعد ستة أسابيع على إستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، تحت ضغط الاحتجاجات العارمة التي إنطلقت قبل نحو شهرين، أثمرت تفاهمات داخلية، إقليمية، ودولية بقيادة فرنسا وعدم ممانعة روسية، على إعادة تكليف الحريري، لتشكيل حكومة، يطغى عليها حضور وزراء التكنوقراط، لمحاولة إدارة أعتى أزمة مالية-اقتصادية-سياسية يشهدها لبنان في تاريخه الحديث.

ما يجب متابعته:

@ طبيعة التنازلات التي قدمها الحريري، للثنائي الشيعي، بعد إستقالته غير المنسقة معهما، كثمن لإعادة تكليفه : وهل تكون في وزارة الداخلية؟ أم في الحصانة الممنوحة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة؟ أم في وزارة الاتصالات ومجلس الإنماء والإعمار !؟

@ “الثمن” الذي ستقبضه القوات اللبنانية، بعد تحول تسمية كتلتها المرتقبة الحريري في الاستشارات الى ممر إلزامي، تحت شعار الميثاقية.

@ حصة رئيس الجمهورية، بعد قرار الوزير السابق جبران باسيل، عدم تسمية الحريري في الاستشارات الملزمة، وهنا رأت دوائر متابعة خطوة باسيل، محاولة لتعويض قسم من الأضرار السياسية البالغة التي تعرض لها في أسابيع الثورة الأولى، وتوسيع هامش مناورته، مع وضع رجل في السلطة من خلال رئاسة االجمهورية ووضع رجل في المعارضة او حتى “الثورة” حين تدعو الحاجة، ويسعى باسيل للإبقاء على نفسه في طليعة المرشحين للرئاسة بعد عامين ونيّف.

@ أمّن الحريري لعودته المرتقبة غطاء إقليمي دولي تقوده فرنسا وموسكو وقطر، وتنأى عنه واشنطن ولندن والرياض، وهنا كيف قد ينعكس ذلك على سيدر، وأي حزمة مساعدات عاجلة يحتاجها لبنان بمختلف قطاعاته، بشكل عاجل.

@ تشكل تسمية تكنوقراط إطاراً واسعاً يسمح لأحزاب الإئتلاف الحاكم بالعودة بقوة الى مفاصل السلطة التنفيذية، وهنا لا مفر من إنتظار اسماء الوزراء وحقائبهم، لتبيان كيف تم تقسيم الحصص النهائي.

خاتمة:

يسعى الإئتلاف الحاكم لإعادة الزمن الى ماقبل 17 تشرين الأول، ومن هنا لا يتوقع أن تقبل “الثورة” بتكليف الحريري ولا بالحكومة العتيدة، لذلك بدأت في الأيام الماضية عملية “كسر إرادة” ممنهجة تمثلت بزيادة وتيرة وحدة القمع، وتعاطي غالبية الشاشات الهادف الى إحباط الناس وتحميل الثورة مسؤولية أي إنهيار، وبات من المؤكد التحالف الوثيق بين المصارف والإئتلاف الحاكم وغالبية الإعلام ، فهل تنجح مساعي السلطة في كسر إرادة “الثورة” أم أن حجم الأزمات وإمكانية تدحرجها ستقلص فرص ولادة او مدة حياة الحكومة العتيدة !؟

لبنان المأزوم في الذكرى ال 76 لإستقلاله عالق بين “نصف سلطة” و”نصف ثورة” !

صورة

ثلاثة أسابيع ونيّف مضت على إستقالة الحكومة دون تعيين موعد للاستشارات النيابية المُلزمة من قبل رئيس الجمهورية، كما ينص الدستور، وهي سابقة منذ إتفاق الطائف، الذي رسم ملامح توازنات جديدة داخل السلطة، بين الطوائف والمذاهب، في ختام حرب أهلية أليمة، أعادت توزيع السلطة والثروة جذرياً، قبل ثلاثة عقود، فهل دخل لبنان زمن المتغيّرات العميقة، وسط الزالزل المتلاحقة في الإقليم، مع تعثر قطاعه المصرفي الحيوي، وركود غير مسبوق في غالبية قطاعاته الإقتصادية؟ والى أي مدى قد تستمر “أزمة الحكم” المتمثلة بالعجز عن تشكيل سلطة تنفيذية، وتداعياتها شبه المدمرة على عملة وطنية فقدت نحو 30% من قيمتها مقابل الدولار حتى اللحظة، وشعب يستورد كافة المواد الأساسية من طحين ومحروقات وأدوية؟

ما يجب متابعته:

@ كشفت دوائر معنية ل thinkers4me أن فرنسا تسعى لتسوية، تتضمن تشكيل حكومة تُطمئن حزب الله بالحد الأدنى، ولا تستفز الشارع الغاضب، وتأخذ فترة سماح من اي عقوبات أميركية مدعومة خليجيًا، وتشكل منطلقاً لإقرار إصلاحات عاجلة، تواكبها معونات مالية طارئة، تؤخر الإنهيار المالي والاقتصادي الشامل، وتسعى لإستعادة الثقة، ولو جزئياً بال system المتمثل بالمصارف أولاً. لهذه الغاية تدور مفاوضات مباشرة بين الفرنسيين وحزب الله، الذي وضع خط أحمر أمام :

– استبعاده عن أي حكومة

– إنهيار مالي وإقتصادي شامل قد يكون المدخل الى الفوضى

– صدام بين شارعين، واحد موالٍ ل “الثورة” وآخر مناهض لها

@ مدة ومدى القيود المصرفية، وخلفياتها الفعلية ، بمعنى آخر الى أي مدى تعكس جفاف السيولة بالعملات الصعبة المتوافرة في مصرف لبنان؟ أم أن هناك من يستخدمها كسلاح فعال في الكباش المعقد على السلطة داخلياً وخارجياً.

@ أظهرت بيانات لمؤسسات أميركية متخصصة، أن زلزال العقوبات التي تم فرضها على جمال تراست بنك، نهاية آب أغسطس المنصرم، أدت الى خروج نحو 10 مليارات دولار من المصارف اللبنانية في 10 أسابيع، قسم منها تم تحويلها الى الخارج، أيّ قبرص وأوروبا بالدرجة الأولى، وهي عائدة الى مصرفيين وسياسيين ورجال أعمال مقربون، والقسم الآخر تم تسييلها، ومن الصعب تحديد الكمية التي إستفاد منها النظام السوري، أو حتى إيران، الخاضعان لعقوبات أميركية خانقة أدت الى هبوط عملتهما الوطنية في شكل كبير في الأسابيع والأشهر المنصرمة!

@ أسباب وتداعيات والمدى الزمني لتمسك الثنائي الشيعي ب”إلزام” الرئيس سعد الحريري بترؤس أو بتسمية ودعم رئيس الحكومة العتيدة، وهنا لم تتضح بعد طبيعة الكباش الحاصل داخل الإئتلاف الحاكم كاملةً، وطبيعة العلاقة بين الثنائي الشيعي-رئاسة الجمهورية والتيار برئاسة الوزير جبران باسيل وبين رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري ، خصوصاً وأن مسألة التكنوقراط والتكنوسياسية، تبدو مجرد غطاء، لتفاهمات تزعزعت بفعل زلازل متلاحقة، شعبية، مالية، نقدية، وقضائية..وهنا يلفت مواقف لنواب في كتلة المستقبل تتحدث عن حكومة مؤقتة وإنتخابات مُبكرة!

@ طبيعة العلاقة بين قائد الجيش اللبناني من جهة، والسلطة السياسية من جهة ثانية، خصوصاً مع النقد الذي ظهر مؤخراً على لسان النائب علي عمار ومقربين من الرئيس بري، والى متى ستدوم معادلة : حماية المتظاهرين وحماية حق التنقل، في أزمة مرشحة للتفاعل على الأرض في أي لحظة. وهنا لا بد من التذكير بأن مؤسسة الجيش قد تتحول الى ملاذ أخير مؤقت في حال تعثرت السلطة السياسية في إدارة أزماتها الداخلية والأزمات الحياتية والمعيشية التي لامست الخط الأحمر

@ ارتفاع منسوب “ضبط الثورة” من قبل الثنائي الشيعي، خصوصاً بعد الحملات التي تعرض لها صحافيون، والتظاهرات -الإنذار أمام قناة الجديد، وقرار حجبها من قبل موزعي الكابلات في مناطق واسعة خاضعة لنفوذ هذا الثنائي، إضافة الى موجة شائعات وتسريبات هائلة، وهنا ربطت دوائر معنية تصاعد تلك الإجراءات بمجموعة تطورات، قد تبدأ بالدخول الاميركي المتكرر على خط استثمار الثورة من جهة ولا تنتهي بمحاولة تجييرها داخلياً على المستويين الوزاري والقضائي.

@ إقدام الثورة، التي ثبتت قدرتها التعطيلية، بشكل متكرر، وآخرها تمثل بمنع إنعقاد جلسة مجلس النواب التشريعية قبل ايام، على المبادرة وإقتراح حلول قصيرة ومتوسطة الأمد، بحيث تستثمر قدرتها على التعطيل بمبادرة او مجموعة مبادرات، تُهديء جزئياً من إرتفاع منسوب القلق الذي بدأ يلامس الهلع، عند شرائح معينة، وتساهم في تخفيف آلام ومخاطر المرحلة الإنتقالية الشديدة الحساسية التي تمر بها بلاد الأرز .

خاتمة:

لبنان عالق بين نصف سلطة، تحاول أحزابها، إدارة ازماتها الداخلية، وأزمة العلاقة بين مكوناتها، لمحاولة تثبيت توازنات ما قبل 17 تشرين الأول، أو تقديم تنازلات شكلية، وبين نصف ثورة نجحت في 37 يوماً في الاستحواذ على غالبية الرأي العام الداخلي والخارجي، وزرعت بصيص أمل، ولو ضئيل، في إمكانية قيامة جديدة ل لبنان، دونها مجموعة تحديات وعقبات، وأزمات غير مسبوقة، ولعل النار التي تم إضرامها بمجسم الثورة وسط بيروت، مؤشر على حماوة اللحظة، فهل يُخرج هذا المخاض تسويةً تدار في خلالها الأزمات والمتغيّرات العميقة؟ أم أن تداخل عناصر الاشتباك، وتشعبها، داخلياً، وإقليميا-دولياً يفرض المزيد من الوقت والحماوة!؟